الفصل 12: العملية – إنقاذ الأميرة [4]
أطلّت الشمس بحذر من خلف الأفق، ناشرةً وهجاً خفيفاً فوق حجارة كراكن الملطخة بالتراب.
كان المستيقظون باكراً قد اجتمعوا بالفعل في الطابق السفلي من النزل، يتبادلون الهمسات ويرتشفون الشراب، فيما يعبق المكان برائحة الخبز المحترق وحساء اللحم.
جلس "آزل" إلى طاولة في الزاوية، يلتهم طبقه وكأن الطعام قد ارتكب جريمة في حقه.
بيض، خبز، لحم مملح — لم يسلم شيء من أنيابه.
أما "ستيفن" فجلس مقابله، يقتات على قطعة خبز محمصة، بوجه هادئ لكن تحمل قسماته شيئاً من الضيق.
قال آزل، وفمه ممتلئ: "كان عليك أن توقظني."
رفع ستيفن حاجباً وارتشف من شايه الفاتر. "ما كنت لتستيقظ. كنت تغرق وسادتك باللعاب مثل كلب في موسم التزاوج."
زمجر آزل: "كنت متعباً!"
رد ستيفن ببرود: "كنت تشخر مثل تنين مجنّح." ثم نهض وهو يلتقط قطعة خبز. "هيا، أنهِ طعامك. لدينا عمل."
وبعد أن قضى على ما تبقى من طعامه وشرب جرعة ماء، تبع آزل معلمه إلى الخارج.
ما إن خرجا إلى الشارع المغمور بضوء الشمس، حتى قاد ستيفن الصبي إلى زقاق جانبي، ومنها نزلا نحو تخوم الأحياء الفقيرة.
بدأت رائحة حامضة تلتصق بالهواء.
قال ستيفن وهو يخرج ثوبين باليين من خاتم تخزينه: "هنا."
كانا يبدوان — وتفوح منهما رائحة — وكأنهما انتُشلا من مكب قمامة.
رفع آزل قميصاً مهترئاً وهو يتمتم: "هل هذا قميص أم شبكة صيد؟"
تذمّر ستيفن وهو يضبط عباءته الممزقة: "احمد الحاكم، على الأقل لديك قميص. صدري مكشوف تماماً."
ثم أخذ حفنة من غبار دقيق من كيس صغير وفركه في شعريهما: "إما أن نندمج مع المكان، أو لا نخرج منه أبداً."
بتأفف، غيّر آزل ملابسه خلف برميل.
شعر بقشعريرة حين لامس الهواء جلده العاري. "إن مت، أريد أن يُعرف أني خرجت من الدنيا كفزّاعة رخيصة."
ضحك ستيفن وهو يخفي ملابسهما الأصلية في الخاتم: "ستكون بخير، يا درامي."
ثم مضيا معاً نحو الأحياء الفقيرة.
---
الرائحة ضربت كلكمة.
دمعت عينا آزل فوراً. كانت الرائحة مزيجاً من لحم عفن وبول وجوارب مبللة، كأنها غُلِيت معاً لأسابيع.
الممرات الضيقة تصطف بها بيوت هزيلة من أخشاب متنافرة ومسامير صدئة، أما الناس — فبدوا كأشباح نسيت أن تموت.
ملابسهم تتدلى عن أجسادهم النحيلة. كثيرون بلا أسنان. بعضهم يرمقهم بريبة، وآخرون لا ينظرون إطلاقاً.
كان هذا مكان الأرواح المنسية.
حتى الحراس لا يجرؤون على دخوله دون تعزيزات.
سار الاثنان بحذر، ملتصقين بالظلال ومقلّين الكلام.
كان ستيفن يطلق هالات من طاقته على دفعات قصيرة — نبضات قريبة المدى تكشف عن مواقع الأحياء دون أن تثير انتباه مستخدمين حساسين آخرين.
استمر بحثهما ساعة كاملة.
ثم —
توقف ستيفن فجأة، عينيه تضيقان.
لقد التقطت هالته شيئاً. حتى آزل توقف، يمسح العرق عن جبينه وهو يحاول كبح غثيانه.
انفتح الزقاق على ساحة قذرة.
وعند نهايتها، كان هناك منزل مائل. عوارضه الخشبية تدلت مثل عظام مكسورة، وجدرانه الرطبة تعفنها الطحالب.
شرفته المعوجة برزت كابتسامة ساخرة، وحولها وقف خمسة رجال.
قذرون. مسلحون. وعيونهم الحادة تمسح المكان.
أشرق بريق في عيني ستيفن. "أشعر بها."
رمش آزل بدهشة: "حقاً؟"
أومأ ستيفن، ناظراً بثبات إلى البيت المتداعي: "إنها بالداخل. طاقتها ضعيفة — لكنها حيّة."
انقبض صدر آزل. بعد كل التخطيط، التسلل، والنتانة — ها قد وجدوها.
التفت نحو معلمه: "وما الخطة؟"
مدّ ستيفن يده إلى مقبض سيفه الضخم، ووميض معدني يطل من الخاتم.
"سأدخل بصخب. أجذب انتباههم. أنت تتسلل من الجانب وتجد الفتاة. من في الداخل سيكونون أضعف. أخرجها، وسألقاك عند الزقاق الشرقي."
أومأ آزل بقوة، قابضاً على خنجرَيه خلف ظهره. "تم."
ابتسم ستيفن: "ويا آزل..."
"نعم؟"
"لا تمت."
ثم اندفع إلى الأمام.
---
الفوضى انفجرت فوراً.
توهجت ساقا ستيفن بهالة زرقاء نابضة وهو ينقض. الأرض تشققت تحت قدميه بينما اختصر المسافة بينه وبين أول حارس في نبضة قلب.
"مَن بحق—؟!"
لم يكمل الرجل جملته قبل أن ينشق صدره.
غنى سيف ستيفن في الهواء مثل همس الحصاد، قاطعاً اللحم والعظم بخفة قاتلة.
تناثر الدم. تبعته صرخات.
"إننا نتعرض لهجوم!"
"إنه وحش لعين!"
"أبلغوا الباقين!"
ارتبك الحراس، يحاولون الرد.
أحدهم قذف رمحاً نحو ستيفن، لكنه تحطم على جسده المغلف بالهالة.
آخر انقض بسلسلة مسننة — لكن ستيفن قبض عليها في الهواء، ثم جذب الرجل إليه ولكمه بقبضة كسرت جمجمته كبيضة.
استغل آزل الفوضى. تسلل حول جانب المنزل المائل، ليجد نافذة متعفنة مواربة.
فتحها ببطء وتسلل للداخل، ساقطاً بصمت على ألواح خشبية متربة.
الهواء ثقيل، وكل خطوة تصدر صريراً أشبه بصرخة.
كتم أنفاسه وانخفض، خنجرَيه مسحوبين.
هذا هو.
حانت لحظة إنقاذ الأميرة — ومنع الكارثة.