الفصل 13: المنقذ ذو الشعر الفضي
— من وجهة نظر الأميرة "نايليا" —
يقولون إنك حين تولدين أميرة، تكون حياتك مغمورة بالموسيقى والورود.
يا له من هراء.
لقد مضت أيام — أسابيع ربما، فقدت عدّ الزمن في هذا المكان الملعون.
الشمس بالكاد تتسلل إلى الغرفة عبر ثقوب الخشب المتعفن. وحتى حين تفعل، لم يعد ضوءها دافئاً.
لا بعد الآن.
ما زلت عالقة في أحياء "كراكن" الفقيرة، محتجزة في هذه البلدة الحقيرة القريبة من العاصمة الإمبراطورية، ومع ذلك شعرت وكأنها عالم آخر.
لم يأتِ أحد.
لم يجدني أحد.
كل ساعة تمر كانت تنخر في أملي مثل نمل أبيض يلتهم إطاراً مجوفاً.
قيدوني إلى كرسي بحبال سميكة — عقد قاسية لا ترحم تنغرس في جلدي — وكانوا يأخذون دمي.
ذلك كان هوسهم.
شيء عن تخميره بالمواد الكيميائية، وحفظه في قوارير زجاجية كأنه نبيذ يُعمر لاحتفال مشوّه.
لم أعرف السبب. وتوقفت عن السؤال بعد اليوم الثاني.
كان الأسهل أن أجلس بلا حراك. الأسهل أن أحدق في الأرض. الأسهل أن لا أشعر بشيء.
لكن الحقيقة أنني ما كنت سأبقى حيّة لولاها.
إيرا.
اشتراها تجار الرقيق وجُرّت إلى هذا الكابوس قبلي، لكن بطريقة ما — بطريقة ما — لم تفقد دفئها.
حين لا يراقبنا الوحوش، كانت تهرّب لي بضع لقيمات، قليلاً من الماء، وتهمس في أذني:
"ستعيشين. مهما حصل، يا صاحبة السمو."
كانت صديقة داعمة، الوحيدة التي أملكها في هذا الجحيم.
اليوم، كان الضوء خافتاً من جديد.
رائحة المواد الكيميائية لسعت أنفي. وكأنها استدعته — الرجل ذو المعطف الأبيض ونظارات الحشرة.
ذلك الذي يبتسم دائماً حين يغرز الإبرة في جسدي.
وقف فوقي الآن، يتمتم كعادته:
"حان وقت المزيد... الدم يجب أن يستقر... يجب أن ينضج... يا له من يوم عظيم سيكون."
جال ببصره في وجهي، يبحث عن خوف أو تحدٍ — أي شيء يتسلى به. لكن لم يعد عندي ما أقدمه.
فرسان الإمبراطورية لن يجدوني.
أي سحر كشف لا يمكنه الوصول إلى هذا المكان — لا شك أنه محمي بسحر مظلم.
حتى عمي ستيفن...
التقطت نفساً متقطعاً، أتهيأ لوخز الإبرة.
ثم اهتز كل شيء.
دوي انفجار في الخارج — كالرعد يخترق السماء الصافية. اهتز المبنى كله، وتناثر الغبار من السقف.
قفز الحراس المتكاسلون في الغرفة على أقدامهم.
ارتبكوا.
صرخات ارتفعت في كل مكان، ثم... فوضى.
"ماذا بحق الحاكم كان ذلك؟!"
"انطلقوا! للخارج!"
"احموا الباب الخلفي!"
اندفعوا إلى الخارج مثل صراصير داهمتها الأقدام.
لم يبقَ سوى رجل واحد. الطبيب. ذلك المجنون.
عيناه ارتجفتا بين الفوضى ثم عادت إليّ.
ابتسم مجدداً.
كم كرهت تلك الابتسامة.
قال هامساً: "لدينا كل ما نحتاجه. فقط عليّ أن آخذ ما يكفي قبل أن تتم مقاطعتي."
لكن —
صرخت: "إيرا!"
اندفعت كالصاعقة، ارتطمت به وطرحته أرضاً.
ارتجّ الكرسي المربوطة عليه وأنا أحاول الالتواء للتحرر.
تشبثت إيرا به، تضرب صدره بقبضتيها، لكنه ركلها بعنف.
ارتطمت بالجدار بصوت مروع.
"لا—!"
التفت الرجل إليّ مجدداً، عيناه مسعورتان.
صوته يرتجف وهو يرفع الإبرة: "المزيد... المزيد... سيغنون عن ما سيوقظه هذا الدم—"
ثم تغيّر كل شيء.
الهواء تبدل.
موجة من القوة اجتاحت الغرفة — كثيفة، ساحقة، كأن عين إعصار انفتحت بين الجدران الأربعة.
تجمدت في مكاني.
كانت هالة. لكن أقوى من أي شيء شعرت به من قبل.
عمي ستيفن؟
لا. ليس تماماً. كانت مختلفة. أَحدّ.
حتى المجنون تجمّد، عيناه dartت نحو الزاوية. لكن الأوان فات.
في ومضة — لا، أقل من ذلك. في نبضة قلب، في شهيق واحد — ظهر فتى بشعر فضي.
لم يمشِ. لم يركض.
بل ببساطة... كان هناك.
خنجران يتلألآن في يديه، ثم—
شَق
شَق
شَق شَق شَق
واختفى ثانية.
وحين أدرك العالم ما جرى، كان الرجل ذو المعطف الأبيض قد بدأ بالسقوط. لا في قطعة واحدة.
مئات الجروح الدقيقة مزقت جسده كما يمزق فنان لوحة بالية.
انفجر الدم من جسده، لطخ الجدران، ثم هوى إلى الأرض بصوت رطب نهائي.
عاد الصمت.
تجمدت مكاني.
الفتى التفت إليّ ببطء، خنجرَيه منخفضان، وعيناه رقيقتان.
بدا... جميلاً.
لا — وسيماً حتى. شعره الفضي ينسدل قليلاً على جبهته، وعيناه الحمراوان ترتبطان بعينيّ.
كان في نظرتهما شيء ما. سكينة لم أرها حتى في نظرة أبي.
ليست برودة جندي. ولا شفقة منقذ.
بل شيء حقيقي. شيء دافئ.
نظر إليّ وكأني أُهمّ.
حتى دقات قلبي توقفت لوهلة. احمر وجهي دون إرادة.
ثم وقعت عيناه على إيرا الملقاة بجانب الجدار، فارتسمت على وجهه دهشة سريعة، لكنه أخفاها حالاً.
اقترب مني وجثا، يقطع الحبال بسرعة عن ذراعيّ وساقيّ.
انهرت في حضنه، قوتي خذلتني.
قال بلطف وهو يلتقطني: "لا تقلقي، يا صاحبة الجلالة. أنتِ بأمان الآن."
كان صوته هادئاً. مطمئناً.
أردت أن أقول شيئاً.
أي شيء.
ربما أشكره على إنقاذي، ربما أسأله عن اسمه.
لكن بدلاً من ذلك — تركت دفء ذراعيه يملؤني.
وأغمضت عيني، فاقدة الوعي.