الفصل 17: قلعة النجوم [الجزء الثاني]
وجد آزل نفسه وحيدًا في غرفة ضيافة فاخرة، أوسع بعشر مرات من غرفته القديمة في كوخ ستيفن.
السرير كان ضخمًا، مفروشًا بأغطية مذهبة الأطراف، ووسائد ناعمة، ولوح خلفي منحوت على شكل زهرة زنبق متفتحة.
بساط أحمر سميك خفّف من وقع خطواته، والنوافذ العريضة سمحت بتسلل أشعة الشمس الخافتة للغروب.
لاحظ خزانة ضخمة مليئة بالملابس ــ أردية حريرية، قمصان فاخرة، وكلها بقياسه تمامًا.
تمتم بعبوس:
"كيف حصلوا على مقاساتي بحق الجحيم؟... هذا مريب جدًا."
لكن لم يكن هناك وقت للتفكير.
عظامه كانت منهكة، ليس من التعب الجسدي، بل من كل ما جرى في الأيام الماضية.
العبء العاطفي لإنقاذ بطلتين، وحمله لأسرار لا يعرفها سواه... كان كافيًا لأن يجعل أي إنسان بحاجة لراحة طويلة.
جلس متربعًا على السرير، ومد يده نحو مخزونه ــ إصبعه لمس التموج الشفاف لمساحة النظام التخزينية.
ظهر منفذ مضيء صغير، ومنه أخرج حبّة الهالة العليا، كرة بيضاء نقية تنبض بهدوء كما لو كانت قلبًا يخفق.
> "حسب ما جاء في السجلات، هذه الغرف عازلة للصوت والطاقة. ما لم أفجّر شيئًا أو ألوّح بسيفي عبر السقف، فلن يكتشف أحد في الخارج أنني أستخدم أداة من رتبة أثر."
بنفَس عميق، ابتلع آزل الحبة.
لم يكن هناك طَعم. لا انفجار طاقة فوري. فقط... سكينة.
ثم جاءت العاصفة.
جسده بدأ يطن بالطاقة ــ عميقة لكنها غير مؤلمة.
مسارات الهالة فيه، تلك القنوات التي تحمل جوهر الحياة في جسده، بدأت تتوسع وتضيء بنور خفي.
ومع ذلك... لم يكن هناك ألم.
لم يكن هناك كسر أو تمزق.
كان الأمر أشبه بأشعة شمس دافئة تتسلل إلى أحلك زواياه. الشوائب العالقة في دمه وعظامه احترقت، تحولت إلى بخار يجري في عروقه.
شعر وكأنه يُعاد صهره من جديد.
وعندما انتهى، لم يكن متأكدًا كم من الوقت قد مضى.
فتح عينيه ببطء.
"… يا للعجب." تمتم بدهشة.
لم يتغيّر كثيرًا، لكن المرآة المقابلة أكدت الفوارق الطفيفة.
ملامحه صارت أكثر حدة ورقّة، لا يزال شابًا لكنه بلا شك أصبح وسيمًا. قامته امتدت قليلًا، بالكاد كافية ليُلحَظ الفرق.
لكن مع ذلك، ظهرت مشكلة جديدة.
"... رائحتي سيئة."
فالشوائب التي خرجت من جسده التصقت بجلده كالزيت.
بزفرة ضجر، خلع قميصه واتجه إلى الحمام الرخامي، الذي بدا وكأنه ينبوع ماء ساخن مصغّر.
ترك الدفء يغمره، واستمتع بلحظة سلام حقيقية لأول مرة منذ أيام.
وبعدها، انغمس في نوم عميق بسهولة.
---
[في وقت لاحق من ذلك المساء...]
أيقظه طرق خفيف على الباب، تبعه صوت المفصلات وهي تُفتح وخطوات منسّقة لعدد من الأقدام.
فتح عينيه ليجد نفسه محاطًا بمجموعة من وصيفات القصر الملكي ــ ست منهن على الأقل ــ يحملن صناديق مزخرفة ومناشف حريرية.
ابتسمت إحداهن بانحناءة رقيقة:
"مساء الخير، السيد الشاب آزل. حان وقت تجهيزك لعشاء الليلة مع الحاكم."
"... العشاء؟" تلعثم وهو لا يزال نصف نائم.
"مع الحاكم، والإمبراطورات، والأمراء، والأميرات." أجابت أخرى بابتسامة مشرقة.
وقبل أن يعترض، كانت اثنتان قد ساعدتاه على الجلوس.
الأخريات تحرّكن بدقة ــ يبدّلن ثيابه، ينظفن جسده بمناشف دافئة، ويمشطن شعره الفضي بفرشاة ناعمة.
ظل يرمق السقف بذهول، شاعراً وكأنه دمية يُهيّأ للعرض.
وعندما انتهين، وقف آزل أمام المرآة مرتديًا سترة زرقاء داكنة مطرزة بخيوط فضية، مع سروال أبيض وحذاء أسود طويل.
شعار ذهبي ــ شارة "إزهار النجم" ــ زُيّن به عند عظمة الترقوة. شعره الفضي صُفف حتى لمع، منسدلًا قليلًا فوق عينيه القرمزيتين.
بدا... ملكيًا.
"أنا مرهق جدًا الآن..." تمتم.
---
[في قاعة الطعام الملكية...]
ارتدّ صدى الضحكات في القاعة الرخامية الواسعة.
المائدة الذهبية الطويلة جمعت حولها العائلة الملكية، إضافة إلى قديس السيف الذي ارتدى ملابس بسيطة، إذ لم يكن يومًا من عشاق الاحتفالات.
الحاكم، آرثر ستاربْلوم، كان في مزاج مرح، ضحكته العميقة تملأ المكان وهو يصغي لستيفن يروي بعض أحداث رحلتهم.
جلست القائدة الفارسية "ميرا" عند الطرف البعيد، صامتة لكن منتبهة.
إحدى الإمبراطورات سكبت لنفسها نبيذًا، بينما جلس الأميران "إيجون" و"فارن" بصمت، لكلٍّ منهما حضوره المختلف.
وفي وسط المائدة، كان مقعد فارغ بانتظار ضيف الشرف.
قال الحاكم بابتسامة عريضة:
"لا بد أن ألتقي بهذا الفتى الذي أنقذ ابنتي. ستيفن... دائمًا تفاجئني."
ثم فُتِحَت الأبواب.
استدار الجميع.
وهناك... وقف آزل.
دخل بخطوات واثقة رغم العاصفة في صدره، ذقنه مرفوع قليلًا، أنفاسه متزنة.
كان واعيًا للأنظار المسلطة عليه، خاصة دهشة "إيجون"، وذهول الإمبراطورات، وحتى "ميرا" الجليدية بدا أنها لانت قليلاً.
شَعره الفضي تلألأ تحت ألسنة المشاعل، وعيناه القرمزيتان عكستا عمقًا جعله يبدو أكبر من عمره.
"نايليا"، الجالسة بجوار والدتها، استقامت فجأة. وجنتاها احمرّتا، وابتسامة صغيرة رسمت شفتيها.
حتى "إيرا"، التي بدت هادئة قبل لحظات، حرّكت جسدها في مقعدها بتوتر طفيف.
صفق الحاكم بيده مرة واحدة، منبهرًا:
"إذن أنت الفتى الذي أنقذ أميرتي الأولى."
تقدّم آزل، انحنى قليلًا، وقال بوضوح:
"لقد كان شرفًا لي، يا سيدي الحاكم."
ضحك ستيفن من الجانب:
"ألم أقل لك؟ ساحر قلوب النساء بالفعل."
احمر وجه آزل وهو يرمق ستيفن بنظرة عتاب، بينما ضحكت الإمبراطورات بخفة.
