الفصل 8: مهمة من أجل القديس

أطلق آزل زفرة عميقة، ممتزجة بصوت أوراق الشجر المتمايلة في محيط الساحة.

كانت الشمس قد ارتفعت عالياً، تبعث أشعتها الذهبية بين الأشجار وتضيء ساحة التدريب خلف الكوخ.

أعاد سيفه إلى غمده بحركة معتادة، ملامساً المقبض الجلدي الذي صار مألوفاً في يده.

لقد مرّ عام كامل.

عام كامل منذ أن عرض ستيفن عليه أول أسلوب من أساليب نمط القديس التنين.

وخلال ذلك الوقت، انتقل آزل من مجرد شخص لا يعرف كيف يلوّح بسيفه، إلى متمكّن من النموذج الأول: ضربة النجم و النموذج الثاني: الانعكاس—والأخير تقنية مضادة قوية تعتمد على خطوات دقيقة وانفجار من القوة الدورانية.

لكن أكثر ما تغيّر لم يكن تقنياته، بل جسده... وسيطرته على الـ"أورا".

في هذا العالم، وُجد نوعان من الطاقة: الأورا و المانا.

الأورا كانت مجال المحاربين—قوة الحياة المستمدة من الطبيعة ذاتها. يمكن استخدامها لتقوية العضلات، تدعيم العظام، وحتى تدفقها في الأوردة والأعضاء لتعزيز قدرات المحارب الجسدية إلى مستويات غير بشرية.

وبما يكفي من الإتقان، يستطيع المرء تغليف سلاحه أو جسده كله بالأورا، ليصبح حصناً متحركاً من القوة الخام.

أما المانا، فهي تخص السحرة. طاقة أثيرية تجري عبر الروح والعقل، تُستخدم في تشكيل التعاويذ، الوهم، والعناصر.

وكان يقال إن ساحراً واحداً من الطبقة العليا قادر على تغيير مجرى معركة كاملة بمجرد حركة معصم.

هاتان الطاقتان كانتا مثل النار والزيت—لا تختلطان. تتنافران في جوهرهما، وتدمّر إحداهما الأخرى إن اجتمعتا في جسد واحد.

لكن آزل كان يعرف أن ذلك مجرد هراء.

فبعد لعبه لـ سقوط آريس، علم عن تقنية خفية تُدعى تسريب الروح، وهي عملية قديمة تتضمن حفر قنوات روحية خاصة داخل النفس عبر طقس كيميائي محظور. وقد حصل البطل عليها في اللعبة بعد مساعدته عجوزاً من قبيلة عتيقة في الجبال خلال الكارثة الخامسة.

تلك القنوات تُمكّن الجسد من احتواء كل من الأورا والمانا، عبر إبقائهما في "مقصورات روحية" منفصلة، مانعةً الانفجار الداخلي—بالمعنى الحرفي.

لم يصل آزل إلى تلك المرحلة بعد. لكن المعرفة كانت محفورة في عقله كأنها وسم ناري. سيصل إليها... في النهاية.

أما الآن، فلديه أمور أكثر إلحاحاً.

رفع نظره إلى ستيفن، الجالس متربعاً على جذع شجرة، يتناول بتكاسل وجبة من الأرنب المشوي والأعشاب.

الرائحة جعلت معدة آزل تقرقر من جديد، رغم أنه قد تناول طعامه للتو.

ضيّق عينيه ثم فعّل حركته الأخطر:

"عين الجرو القاتلة."

قال بلطف وهو يمدّ الأحرف: "ماااستر..."، واضعاً يديه خلف ظهره وعينيه متلألئتين كبحيرة عند الفجر.

لم يرفع ستيفن رأسه، لكن ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه.

"لقد أتقنتُ النموذج الأول والثاني من نمط القديس التنين،" قال آزل مقترباً أكثر. "ألا يمكننا رجاءً الانتقال إلى الثالث؟"

أخيراً رفع ستيفن عينيه.

"إتقان الأورا وهذين النموذجين خلال عام واحد أمر مبهر،" قال وهو يضع وعاءه الخشبي جانباً. "هذا يُظهر مدى إمكاناتك في السيف."

نعم! الخطة تعمل!

"إن كنتَ متحمساً لهذه الدرجة،" تابع ستيفن وهو ينهض ويمسح سرواله، "فسأريك الثالث—"

كاااااو!

دوّى صوت عالٍ من السماء، وهبط طائر أسود الريش برشاقة على كتف ستيفن.

رمش آزل بدهشة. "أهو... غراب؟"

أطلق الطائر صرخة مستاءة.

ضحك ستيفن. "ليس مجرد غراب. هذا من الخدمة البريدية الملكية."

نظر آزل عن كثب، فرأى لفافة صغيرة مربوطة بمنقاره.

قال ستيفن: "أحضر بذور الطيور. إنها في غرفتي."

اندفع آزل إلى الداخل، وأسقط مقعداً في عجلة خطواته، ثم عاد ومعه صندوق خشبي مكتوب عليه: "لأصدقاء الغربان."

تناول ستيفن حفنة صغيرة من البذور، وقدّمها للطائر بلطف، الذي تناولها برشاقة ووقار، كأنه سيد نبيل من الطيور.

ثم فكّ اللفافة وفتحها. ابتسامته الهادئة بدأت تتلاشى.

لاحظ آزل التحوّل الطفيف في ملامحه. "ما الأمر؟"

قرأ ستيفن بصوت مسموع: "الأميرة الإمبراطورية سارة اختُطفت أثناء عودتها إلى العاصمة. وتطلب فرسان البلاط الملكي المساعدة من أي حلفاء موثوقين في الإقليم الغربي."

ارتجف قلب آزل.

الأميرة سارة...

لقد تذكر هذا من اللعبة.

لم يُعرض الحدث مباشرة، بل كذكرى ماضية. كان البطل صغيراً جداً ليشارك فيه بنفسه، لكن اختطاف الأميرة سارة كان نقطة تحول.

الخاطفون—عبدة طائفة سرية—استنزفوا كميات كبيرة من دمها في طقس مظلم.

وبحلول وقت إنقاذها، كانت قد أصبحت هزيلة... ضعيفة. وماتت بعد عام في قصرها بصمت، يفتقدها القليل.

ذلك الدم، الممزوج بسلالة تنين خامدة، استُخدم لاحقاً لإيقاظ التنين السماوي القديم، وحش عملاق دمّر القلعة الإمبراطورية وأفنى سلالة النبلاء.

كارثة وُلدت من الدماء.

"هذا... أمر خطير للغاية،" تمتم آزل ووجهه شاحب.

نظر إليه ستيفن بعينين غامضتين.

"هو كذلك. لكنه أيضاً فرصة." ثم مدّ يده فجأة وربت على رأس آزل.

تجمد الفتى. "هاه؟"

وقف ستيفن بكامل طوله وتمدد. "هذا هو الوقت المثالي لتضع تدريباتك موضع التنفيذ. العالم لن ينتظر حتى تُنهي إتقان النماذج."

قطّب آزل جبينه، محاولاً كبح حماسه.

"لحظة... أنت لست تحاول اصطحابي فقط كي أحمل أغراضك مجدداً، أليس كذلك؟"

ابتسم ستيفن بمكر. "أعني... لديك قدرة على التحمل الآن."

"هفف! هذا استغلال الأطفال!" قال آزل عاقداً ذراعيه في غضب مصطنع.

ضحك ستيفن فقط وعاد باتجاه المنزل ليستعد.

أما آزل، فبقي في الساحة للحظة أطول، يلامس مقبض سيفه.

النموذج الثالث من نمط القديس التنين سيضطر للانتظار. فهناك أميرة بحاجة للإنقاذ.

لقد حان الوقت أخيراً لبدء حصد مكاسب النظام، فبعد كل شيء... تلك الفتاة كانت تُعرف بـ [البطلة المنسية].

---

مشاركة Pro Manga
مع أصدقائك
انضم إلى وسائل التواصل الاجتماعي
Discord Image Link
Discord

التعليقات